قلعة مونفورت
قلعة مونفورت

قلعة مونفورت

قلعة مونفورت هي قلعة صليبية تقع في الجليل الأعلى، شمال البلاد، على بعد 22 كيلومترًا شمال شرق مدينة نهاريا. شيدت القلعة في القرن الثالث عشر الميلادي وكانت بمثابة مقر لفرسان التوتونيين الذين استقروا في المنطقة بعد الحملة الصليبية الثالثة. استخدمت القلعة لأغراض إدارية وعسكرية، حيث لعبت دورًا مهمًا في إدارة الممتلكات الصليبية في الجليل خلال تلك الفترة.

تم بناء القلعة على قمة تل مرتفع يطل على وادي القرن، ما وفر لها موقعًا استراتيجيًا يصعب الوصول إليه، مما جعلها حصنًا قويًا ضد الهجمات. كانت القلعة تتألف من عدة مبانٍ، بما في ذلك الجدران الدفاعية، الأبراج، المخازن، وقاعات الاجتماعات، بالإضافة إلى خزانات المياه التي ساعدت القاطنين فيها على الصمود لفترات طويلة في حالة الحصار. كما كانت تتميز بتصميم معماري يعكس الطابع القوطي الأوروبي، وهو ما يتضح في بقايا الأقواس والنوافذ التي لا تزال ظاهرة حتى اليوم.

في عام 1266، حاول السلطان المملوكي الظاهر بيبرس السيطرة على القلعة، لكنه لم يتمكن من إخضاعها في ذلك الوقت. ومع ذلك، في عام 1271، تمكن السلطان قلاوون من فرض حصار محكم عليها، مما أدى إلى استسلام الفرسان التوتونيين الذين اضطروا إلى مغادرة القلعة بعد اتفاق مع القوات المملوكية. عقب ذلك، قام المماليك بتدمير أجزاء كبيرة من القلعة لمنع إعادة استخدامها من قبل أي قوات صليبية أخرى.

بعد سقوط القلعة، تراجعت أهميتها وتحولت إلى موقع مهجور. خلال العصور اللاحقة، لم يتم إعادة استخدامها لأغراض عسكرية أو مدنية، وظلت في حالة خراب حتى العصر الحديث. في القرن العشرين، بدأ علماء الآثار بدراسة الموقع للكشف عن تفاصيل بنائه ودوره في الفترة الصليبية، حيث تم العثور على قطع أثرية تعود إلى فترة وجود الفرسان التوتونيين في المنطقة.

اليوم، تعد قلعة مونفورت موقعًا أثريًا مهمًا ومحمية طبيعية، حيث تجذب السياح والباحثين المهتمين بالتاريخ الصليبي في المنطقة. يمكن للزوار استكشاف أطلال القلعة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية المحيطة بها، حيث توفر المسارات الجبلية إطلالات واسعة على الجليل الأعلى ووادي القرن. تعد القلعة مثالًا بارزًا على التحصينات الصليبية في بلاد الشام، وتعكس تطورات العمارة العسكرية في العصور الوسطى، فضلاً عن التنافس بين القوى الصليبية والمملوكية في السيطرة على المنطقة.