مأمن الله
مأمن الله، المكتبة الوطنية

حي مأمن الله

 

يقع حي مأمن الله، المعروف أيضًا بـ "ماميلا"، إلى الغرب من البلدة القديمة في القدس، بالقرب من باب الخليل.اسم "مأمن الله" يُترجم إلى "ملاذ الله" أو "مأوى الله"، ويُعتقد أنه يعكس قدسية المقبرة كمكان للراحة الأبدية.  يعود تاريخ المنطقة إلى العصور القديمة، حيث كانت موقعًا بارزًا بسبب موقعها الجغرافي ودورها في تزويد المدينة بالمياه من خلال بركة مأمن الله. هذه البركة، التي يُعتقد أنها بُنيت في عهد الملك هيرودوس الكبير، كانت جزءًا من نظام مائي متصل ببرك أخرى مثل بركة السلطان وبركة حزقيا (بركة حارة النصارى).

في العصر البيزنطي، شهدت المنطقة أحداثًا مهمة، من بينها الغزو الفارسي عام 614 ميلادي، والذي أدى إلى مذبحة وثّقتها المصادر التاريخية. عُثر في الموقع على مقبرة بيزنطية تحتوي على بقايا بشرية في مصلى قديم بالقرب من البركة، مما يُظهر الأهمية الدينية والتاريخية للمنطقة في تلك الحقبة.

تعود أصول المقبرة إلى القرن السابع الميلادي على الأقل خلال الفترة الإسلامية المبكرة. ويعتقد بعض المؤرخين أنها قد تكون ذات أصول ما قبل إسلامية، وربما ارتبطت بممارسات الدفن البيزنطية أو الرومانية.

كانت مأمن الله مكانًا لدفن العديد من العلماء والمجاهدين والقادة الدينيين. ويُعتقد أنها تضم رفات جنود شاركوا في الحروب الصليبية إلى جانب صلاح الدين الأيوبي.

في العصور الوسطى، أثناء الفترة الصليبية، كانت مأمن الله موقعًا لمقابر تعود لرجال الدين من كنيسة القيامة. كما أن الحقبة المملوكية شهدت بناء معالم بارزة في المنطقة، مثل ضريح الأمير علاء الدين الكوبكي، الذي كان أميرًا في فترة المماليك وتوفي في القدس عام 1289 ميلادي. شُيّد له ضريحٌ مزخرف يُعرف باسم "تربة الكوبكية"، وهو معلم معماري فريد يعكس تقنيات الزخرفة والفن المملوكي في تلك الفترة، والذي يُعد أحد الأمثلة النادرة على العمارة الإسلامية في مأمن الله.

مع الانتقال إلى الحقبة العثمانية في القرن التاسع عشر، أصبحت مأمن الله نقطة عبور بين طريق يافا والبلدة القديمة، مما جعلها مركزًا تجاريًا وسكنيًا ناشئًا. بَنَت السلطات العثمانية معالم بارزة في المنطقة، بما في ذلك برج الساعة فوق باب الخليل، والذي أُزيل لاحقًا في عهد الانتداب البريطاني.

خلال فترة الانتداب البريطاني، تعرضت المنطقة لتحولات كبيرة، حيث تم إزالة المباني القريبة من أسوار البلدة القديمة بحجة تحسين المنظر العام والحفاظ على الطابع التاريخي للمدينة. شهدت مأمن الله أحداثًا سياسية في أواخر الأربعينيات، حيث كانت مسرحًا لأعمال عنف بين المجموعات اليهودية والعربية بعد إعلان خطة التقسيم عام 1947.

بعد حرب عام 1948، أصبحت مأمن الله منطقة حدودية بين المناطق تحت سيطرة إسرائيل و الأردن . تحولت المنطقة إلى "أرض عازلة " مليئة بالأسلاك الشائكة والحواجز الخرسانية، مع تعرضها للقصف والاشتباكات. ومع توحيد القدس عام 1967 بعد حرب الأيام الستة، بدأت خطط إعادة إعمار المنطقة.

في عام 2007، افتُتح "مجمع ماميلا" كجزء من مشروع التجديد، ليصبح مركزًا تجاريًا يضم متاجر عالمية ومطاعم ومرافق ترفيهية. على الرغم من التحولات الكبيرة التي طرأت على مأمن الله، لا تزال المنطقة تحمل آثارًا من تاريخها الطويل والمعقد، مما يجعلها شاهدة على تطور مدينة القدس عبر العصور.

نوفر لكم في هذه البوابة بعض الصور القديمة لحي مأمن الله وبركته وصور للشوارع قبل هدمها، كما نعرض لكم مجموعة عناوين تناولت أخبار مهمة لأحداث حصلت في المنطقة في العصر العثماني و الانتدابي.