يوم السبت
السبت هو يوم الرّاحة المقدّس في الدّيانة اليهوديّة وهو اليوم السّابع من كلّ أسبوع. ولإحياء يوم السّبت أصول وقواعد يعتبر اتّباعها فريضة مركزيّة في التقاليد اليهوديّة فهي مدرجة ضمن الوصايا العشر. حافظت المجتمعات اليهوديّة على قدسيّة يوم السّبت عبر العصور حول العالم، وفعلوا ذلك بشيء من التّشدد أحيانًا للتأكيد على إقامة شعائر السبت كقيمة عليا. جعلت دولة إسرائيل يوم السبت يوم الراحة الرسمي لها، وتتنوع طبيعة الاحتفال بالسبت بشكل كبير بها.
يحتفل المحافظون المتنوّعون على الفرائض اليهوديّة بالسّبت بطريقة مختلفة عن طريقة احتفال المحافظون على التّقاليد به، فالفئة الثّانية تكتفي بأداء بعض التّقاليد. كما نشأت أيضًا تقاليد السّبت العلماني جنبًا إلى جنب مع السبت التقليديّة. يركّز إسرائيليون كثر من جميع الأطياف على فرصة الاستمتاع بالأجواء العائلية والراحة، وإقامة الوجبات الغذائية واللقاءات الاجتماعية والجماهيريّة، كما يتجوّلون ويقومون بالأنشطة الممتعة.
كان موضوع يوم السبت منذ بدء الصهيونيّة ولا يزال ساحة للصراع السّياسي بين الجانبين العلماني والديني. إذ تنصّ وثيقة "الوضع الراهن" لعام 1947 على أنّ يوم الراحة في الدولة اليهوديّة سيكون السّبت. إلّا أنّ الوثيقة لا تحدد مظاهر للحيز العام في يوم الراحة. ولذلك تستمرّ النقاشات وتشتد بين حين وآخر حول قضايا متعددة تخصّ طابع الدولة في يوم السبت: مثل عمل المواصلات العامة في هذا اليوم، والبث التلفزيوني والإذاعي، الأعمال التجاريّة والرّياضة والثّقافة والتّرفيه والمزيد.
مصادر فرض السبت في اليهوديّة
ذكرت الأسفار المقدّسة للتوراة يوم السّبت في عدة مواضع، كما تشير إليه الادبيات التوراتيّة أيضًا. إلّا أن جذر القصّة المتعارف عليه يعود إلى القصّة التوراتيّة عن خلق العام. تقول هذه القصّة انّ الخالق خلق الكون في ستّة أيّام واستراح في ممكلته في اليوم السّابع. "وبارك الله اليوم السّابع وقدّسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الّذي عمل الله خالقًا" (سفر التّكوين، 2، 3).
ليوم السبت وظائف روحانيّة واجتماعيّة أيضًا. من الجهة الروحانيّة، يرمز يوم السّبت إلى العهد بين الخالق وبين بني إسرائيل فهي تذكار اسبوعي للإيمان بقصّة خلق العالم. كما هو تذكار لعبوديّة بني اسرائيل في مصر وخروجهم منه. من الجهة الاجتماعيّة فإن جميع الامم تتخذ يومًا للراحة كل اسبوع. بحسب التوراة فان السبت يوم يستريح فيه الجميع، ابناء العائلة وابناء جميع الطبقات، العبيد والإماء وأيضًا الحيوانات. يرى الكثيرون ان يوم السبت نموذجًا للمساواة وتذكار ابدي لاحترام جميع البشر والحيوانات.
الوصايا والعادات
يستمرّ يوم السبت لـ 25 ساعة، منذ اقتراب ساعة الغروب يوم الجمعة وحتّى ظهور النّجوم مساء يوم السّبت. على ما يبدو في البداية اقتصرت فرائض يوم السّبت على الجوانب الروحانيّة إلا أنه لاحقًا أضاف الحكماء فرائض تحمل أبعاد للجانب المادّي والجسدي. الوصايا المركزيّة تقتصر على تكريم السبت وتقديسه والاستمتاع به.
من هذه الوصايا مثلًا أن تُنار الشّموع في عشية السبت، وتؤكل خلال السبت بأكمله ثلاثة وجبات تُحضّر خصّيصًا كنوع من شعائر احترام السبت. الوجبة الأولى في عشيّة السبت، والوجبة الثانية بعد صلاة الصباح في اليوم التّالي والثّالثة قبل انقضاء السبت. في الوجبات تتلى صلاة المباركة على الخبز (حالاه) وقبل الطعام في المساء والصباح تتلى صلواة (كيدوش) على النّبيذ.
من مميزات السبت مفهوم الرّاحة التّامة، وتحريم الانشغال بالحِرف أو تشغيل الأجهزة الخارجة عن عمل الطبيعة مثل ركوب وسائل النقل العامة مثلًا واستخدام الهاتف النّقال. وتكون الراحة البدنية معيار لفحص مدى تناسب فعالية معينة مع قدسية السبت. في السبت العلمانيّة مفهوم الراحة أيضًا بارز، كما يضاف إليه التجوّل في الأماكن المحيطة وقضاء الوقت مع العائلة في الأماكن المفتوحة والاستمتاع بالطبيعة.
جمعت المكتبة الوطنية الكثير من المواد المثيرة للاهتمام والمدهشة حول يوم السبت في الحياة اليهوديّة وطابعه المتغيّر عبر السنبن. من حفلات ترفيهيّة في تل أبيب إلى مظاهرات حول يوم السبت. بالإضافة إلى طوابع وملصقات ومخطوطات، كتب وأبحاث وأعمال فنّية والمزيد. تجدون هنا جزء من هذه المواد البصريّة بالإضافة إلى بعض التسجيلات الصّوتيّة لصلاواة وترتيلات يوم السبت في الحياة اليهوديّة.