محيي الدين بن عربي: مجموعة خاصة من مؤلفات ومخطوطات ابن عربي
روح القدس في مناصحة النفس، محيي الدين بن عربي، 1688-1698، مجموعة المخطوطات، المكتبة الوطنية الإسرائيلية.

محيي الدين بن عربي

يُعتبر محيي الدين بن عربي الصوفيّ (1165-1240) أحد أكثر المتصوّفين والفلاسفة تأثيرًا في التاريخ الإسلامي. وُلد في مرسية الأندلس، وكانت تراوده في سنوات مراهقته رؤى عن حقيقة الكون، الله والأنبياء – عيسى، موسى ومحمّد وغيرهم. وتُعتبر هذه الرّؤى الّتي رافقته إلى آخر عمره محور مركزّي تطوّرت حوله فلسفة ابن عربي الخاصّة.

كان في شبابه المبكّر يتجوّل في مدن الأندلس ويتلقّى مختلف العلوم من كبار علمائها ومرشديها كما تجوّل كذلك في شمال إفريقيا. في العام 1201 تقريبًا وبعدما انتهى من التّجوّل في شمال إفريقيا وفلسطين خرج إلى الحجّ في مكّة ومكث فيها لثلاث سنوات. وهناك بدأ كتابة أعظم أعماله (الفتوحات المكّيّة) الّذي ضمّ يوميّاته الرّوحيّة لثلاثين عامًا. يحتوي الكتاب المعقّد ذو السّبعة والثّلاثين مجلّدًا على رؤى عديدة وكشوفات روحيّة حول كافّة مجالات الإسلام، من القرآن وحتى المتافيزيقيا (الوجود).

خرج ابن عربي من مكّة إلى العراق ومن ثمّ إلى قونية في الأناضول ومكث فيها قليلًا، ومن ثم في عام 1223 استقرّ أخيرًا في دمشق الأيوبيّة حينها. وهناك استمرّ في الكتابة والتّدريس حتّى توفّي فيها عام 1240.

كان ابن عربي غزير الإنتاج بشكلٍ ملفت وقد نُسبت إلى اسمه مئات المؤلّفات عبر القرون. ومن بين الأعمال الّتي نجت، تبيّن أن أكثر من ثمانين منها هي أعماله الحقيقيّة. من بين هذه المؤّلفات، إلى جانب الفتوحات المكّية، كتاب الإسراء الذّي يصف به صعودًا روحيّا الى السّماء واللّقاء بالأنبياء، وقد كتبه في أعقاب رؤية راودته عام 1198، وكتاب روحُ القدس الّذي يحتوي على سيَر متصوّفين في شمال إفريقيا والأندلس وقد كتبه في مكّة عام 1203، وكتاب تاج الرسائل المؤلّف من ثماني قصائد كتبها ابن عربي في حبّ الكعبة وقد كتبه بعد رؤية راودته عام 1203. بالإضافة إلى كتاب ترجمان الأشواق المؤلّف من قصائد حبّ كتبها في مكة أيضًا، فصوص الحِكم وهو ملخّص لدروسه الّتي كان يعطيها في دمشق عام 1229. هذا بالإضافة إلى الديوان الكبير الّذي انتهى منه عام 1237.  

تلى ابن عربي الكثير من المتصوّفة المتأثرين به والّذين تركوا بدورهم بصمتهم في عالم التّصوّف والفكر الرّوحي، منهم عبد الغني النّابلسي، جلال الدين الرومي وغيرهم. وفي أيامنا المعاصرة، نجد الكثير من الدّراسات والكتب الّتي تناولت أعمال ابن عربي محاولة تفكيكها وشرحها ودراستها نظرًا لعمقها وتعقيدها. كما نجد الكثير من المحاولات لسرد سيرته الذّاتيّة ورصد تطوّر فلسفته ورؤيته المثيرة في سياقه التّاريخيّ.