ريشون لتسيون: أول بلدة يقيمها المهاجرون اليهود الأوائل
صورة جوية لريشون لتسيون، 1938، مجموعة عائلة لينكن، المكتبة الوطنية

ريشون لتسيون

تقع مدينة ريشون لتسيون في مركز البلاد إلى الجنوب من تل أبيب في منطقة جوش دان، في العام 2022 أكملت المدينة عامها ال 140، وهي المدينة الرّابعة من حيث عدد السّكان إذ يبلغ تقريبًا 259،000 نسمة (بحسب دائرة الإحصار المركزيّة في آب 2022)، وتحيط بالمدينة كل من بات يام، حولون ونيس تسيونا.

تأسّست ريشون لتسيون في 31 تمّوز من عام 1882 كبلدة زراعيّة صهيونيّة، وبادرت بتأسيسها "اللجنة الرّياديّة لاستعمار فلسطين" (الاسم نقلًا عن الفرنسيّة) بقيادة زلمان دافيد لبونتين، الّذي قام بشراء أرض تبلغ مساحتها 3،340 دونم تقع قرابة عشرة كيلو مترًا جنوب مدينة يافا. كان السّكان الأوائل للبلدة 17 عائلة من جمعيّة "محبّي صهيون" الّذين قدموا من شرق أوروبا في سياق الهجرة اليهوديّة الأولى، وكانت ريشون لتسيون أوّل بلدة يقيمها المهاجرون الأوائل، وبعد أشهر قليلة انضمّ للبلدة شباب وشابّات من حركة "بيلو".

عمل سكّان ريشون لتسيون الأوائل في الزّراعة وتعاملوا مع صعوبات حياتيّة عديدة، منها النّقص بالمياه وقلّة الخبرة بالزّراعة والسّرقة؛ ممّا ضاعف الأزمة الاقتصاديّة في البلدة بالأخصّ لدى العائلات الفقيرة،كما زاد من حدّة المشكلات صراعات داخليّة بين السّكان. أُرسل أحد مؤسسي البلدة، يوسف فاينبيرج، إلى أوروبا من أجل جمع التبرعات، وفي أعقاب لقائه بالبارون روتشيلد في باريس وافق البارون روتشيلد على مساعدة ريشون لتسيون ووفّر مبلغًا من أجل حفر بئر للبلدة ولمساعدة المحتاجين، إلّا أنّه اشترط أن يتلقّى السّكان تدريبًا زراعيًا بتمويل منه.

بأموال البارون روتشيلد، بدأ حفر البئر في ريشون لتسيون وفي شباط 1883 سُمع نداء أحد العاملين على الحفر من عمق الأرض يقول: "وجدنا مياه" وهكّذا سمّي البئر "بئر ووجدنا مياه". خدم البئر سكّان ريشون لتسيون لعشرات السّنين وهو اليوم موقعًا أثريَّا، وبعد
عام تقريبًا من إقامة البلدة حين اشتدّت الضّائقة الماليّة، ساعد البارون روتشيلد بتسديد ديون أصحاب الأراضي؛ وبالمقابل، أصبحت أراضي البلدة ملكًا له ويدير شؤونها مندوبًا عنه.

في العالم الثّالث لإقامة البلدة 1885، قام كلّ من يسرائيل بلينكر وفاني مايروفيتش برسم علم باللونين الكحلي والأبيض وفي وسطه نجمة داوود. رُفِع "علم صهيون الأوّل" في المسيرات الاحتفاليّة، ومع الوقت استُخدِم نموذجًا لعلم الدّولة. وُلد في ريشون لتسيون رموز صهيونيّة إضافيّة، ففي عام 1886، أُقيمت أوّل مدرسة عبريّة ابتدائيّة هي الأولى من نوعها في البلاد وفي العالم أجمع من حيث التّدريس باللغة العبريّة فقط، وسمّيت لاحقًا بمدرسة "حبيب". وفي العام 1898، وفي العام 1895، تأسست بجانبه روضة الأطفال العبريّة الأولى وأوركيسترا ريشون لتسيون، وهي أولى الفرق الموسيقيّة العبريّة.

في سنوات ريشون لتسيون الأولى، شخّص الخبراء الزّراعيين، الّذين قام البارون روتشيلد بإرسالهم للأراضي الّتي أقيمت عليها البلدة، على أنّها تصلح لزراعة العنب من أجل صناعة النّبيذ وزُرعت فيها كروم العنب. في 1889، بُني معمل الخمر وبسنوات معدودة أصبح فيه الكثير من العمّال والموظّفين. استمرّ المعمل بالعمل حتّى عام 2015؛ إذ انتقل خطّ الإنتاج إلى الجليل. لسنوات عديدة، كان هذا المعمل من أهمّ معامل شركة "معامل كرمل" الّتي عرفت أيضًا بـ "كرمل مزراحي". في العام 1920، أصبح لريشون لتسيون مجلس محلّي وفي العقود اللاحقة توسّعت البلدة وسكنها الكثير من المهاجرين وتغيّر طابعها من  الطابع الزراعي إلى الطابع المدني. في العام 1950، أصبحت ريشون لتسيون مدينة، ولحق بالمدينة المزيد من التّنميّة وتحوّلت إلى إحدى أكبر المدن في البلاد.

في المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، وعلى الرغم من أنّ من ريشون لتسيون ليست مدينة تاريخية، جُمعت الكثير من المواد المتعلّقة بريشون لتسيون منذ تأسيسها وحتّى يومنا هذا؛ منها الرّسائل والوثائق الشّخصيّة والجماهيريّة، الكتب، المقالات، النّصوص الصّحافيّة، الصّور والإعلانات والملصقات وغيرها. تشير هذه المواد، المتاح معظمها على موقع المكتبة عن بُعد، وتشهد على تاريخ البلدة والتّحديات والصّراعات الّتي شهدتها، وعلى المجتمعات المتنوّعة الّتي عاشت بها والتّغيرات والتّنمية المتسارعة الّتي شهدتها المدينة في العقود الأخيرة.

خريطة ريشون لتسيون

ريشون لتسيون، 1959، مجموعة عيران لئور، المكتبة الوطنية