الشيعة: مخطوطات وكتب رقمية من بغداد وطهران للتنزيل
أدعية الإمام زين العابدين، 1688، مجموعة يهودا، المكتبة الوطنية

الشيعة

أشهرًا قليلة قبل وفاة نبيّ الإسلام محمّد في العام العاشر للهجرة  631-632 م، كان النّبي مع مجموعة من المسلمين في طريق عودتهم من الحجّ بين مكّة إلى المدينة وتوقّفوا عند غدير خمّ، وهناك قال النّبي كلامًا أخيرًا يوصي به المسلمين من بعده. تؤمن ثاني أكبر طائفة من المسلمين وهي الشّيعة، بأنّ النّبي محمّد أعلن في هذه المناسبة استخلافه لابن عمّه عليّ بن أبي طالب (599-661) بعد وفاته ليكون المسلمون جميعًا تحت إمرته؛ "من كنت مولاه فعليّ مولاه".

كان الخلاف حول مسألة مَن يحكم المسلمين بعد وفاة النّبي محمّد غاية في الأهمّية، إذ نجح الرّسول خلال فترة حياته بتوحيد بعض أكبر وأقوى القبائل العربيّة تحت راية واحدة، وكان لمن سيأخذ مكانه أن يحظى بنفوذٍ كبير من شأنه أن يتعاظم أكثر في الجزيرة العربيّة، وعُرف من طالبوا بخلافة علي بن أبي طالب دونًا عن بقيّة الصّحابة بـ "شيعة علي" أي أتباع عليّ. لم يتسلّم عليّ بن أبي طالب الخلافة إلّا بعد مقتل الخليفة الثّالث عثمان بن عفّان بعد أكثر من عشرين عام من وفاة النّبي ولم تكن خلافته ساكنة، إذ لم يتقبّل جميع المسلمين خلافته وسادت الخلافات.

إلّا أنّ  هذا التّفسير لحديث غدير خمّ لم ينشىء فقط جماعة من المسلمين الّذين يطالبون بسيادة عليّ بن أبي طالب ونسله من بعده سياسيًا فقط، إلّا أن هذا الحديث أصبح فيما بعد أحد الدّعائم الأساسيّة الّتي تطوّرت حولها العقيدة الشّيعيّة وهي "الإمامة". ومعنى مفهوم الإمامة هو اجتماع القيادة السّيادة الدّنيويّة والسّياسيّة بالسّيادة الرّوحانيّة، إذ يكون الإمام زعيمًا وإمامًا معًا، ويُطاع في كلّ شيء.

ينقسم الشّيعة حول العالم إلى مذاهب متنوّعة أشهرها الإماميّة أو الإثناعشريّة وتأتي من بعدها الإسماعليّة. يشكّل الشّيعة أقلّية من بين مسلمي العالم، ويشكّل المذهب الإماميّ الإثناعشريّ الغالبيّة السّاحقة من هذه الأقليّة. حُصرت الإمامة العقيدة الشّيعيّة في آل بيت النّبي، عليّ بن أبي طالب أوًلا، ومن ثمّ ولده الحسن، ثمّ ولده الثّاني الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين وهكذا، ويؤمن الشّيعة الإثناعشريّة باثني عشر إمامًا اختيروا من الله لإمامة المسلمين من بعد النّبي، وتُعرف الإثناعشريّة بالإماميّة أو الجعفريّة، نسبة إلى الإمام السّادس جعفر الصّادق  (702-765).