الفقه الإسلامي
يشتمل مصطلح الفقه على جميع علوم الشريعة في الإسلام، والإسلام كديانة يسعى للإحاطة بجميع مجالات الحياة لدى المؤمن؛ بدءًا من عاداته اليوميّة وحتّى نظام الحكم والسيّاسية الاقتصاديّة لبلاده. تفرّعت العلوم الشّرعيّة الإسلاميّة عبر الأجيال إلى أربعة مذاهب: الحنفي والحنبلي والمالكي والشّافعي، وسمّيت هذه المذاهب على أسماء مؤسسيها: النّعمان أبو حنيفة (توفي 767)، أحمد ابن حنبل (توفي 855)، مالك بن أنس (توفي 795)، ومحمّد بن إدريس الشافعي (توفي 820).
في الحقبة الّتي تكوّن بها الإسلام وخلال فتوحات القرون السّابع والثّامن والتّاسع، أدخلت تقاليد قضائيّة مختلفة إلى عالم التشريع الإسلامي، وهكذا مثلًا تغلغلت تقاليد قضائيّة فارسيّة ورومانيّة (عن طريق الإمبراطوريّة البيزنطيّة الّتي غزاها المسلمون) وكذلك تقاليد مسيحيّة ويهوديّة.
منذ بداية العهد العبّاسي (750-1258)، بدأ استخدام مصطلح الفقه للدلالة على علوم الشّريعة الإسلاميّة الّتي اشتملت على كل جوانب الحياة، والطّريقة الّتي عرف بها العلماء أحكام الشّريعة في أي مسألة حتّى وإن كانت مستجدّة تُدعى "أصول الفقه". بحسب هذه الطريقة، يجب التأكد أوّلًا إن كان هناك تطرّق مباشر أو غير مباشر للمسألة المنظور بها في القرآن أو في السّنة فيؤخذ بالحكم، وإن لم يوجد ذلك يقوم الفقيه بالنّظر إذا كان هناك إجماع لدى العلماء في هذه المسألة، وإن لم يوجد إجماع كان يلجأ لاجتهاده الشّخصي (الرّأي).
صنّف العالم الشّهير أبو حامد الغزالي (توفي 1111) الفقه كأحد الفروع السّتة للعلوم الإسلاميّة: علم الكلام، علم التّفسير، علم الحديث، أصول الفقه، فروع الفقه وعلم الباطن، والأخير جزء هام من الفكر الصّوفي، وقد شبّه الغزالي الفقه بالشّجرة الّتي جذورها هي القرآن والحديث وفروعها هي فروع الشّريعة المختلفة وثمارها هي الأحكام الّتي تُعطى للمؤمنين السّائلين عن أمور في مجالات مختلفة من حياتهم اليوميّة، ويعتبر كتاب "رسالة في أصول الفقه" للفقيه محمّد بن إدريس الشّافعي (توفّي 819) هو أول كتاب في أصول الفقه.
بسبب اختلاف الآراء حول مسائل فقهيّة، تكوّنت عبر السّنين مذاهب للفقه الإسلامي، وسّمي كل مذهب على إسم مؤسسّه. وهذه المذاهب هي الشّافعي والمالكي والحنبلي والحنفي. لم يشكّل الانتماء لمذهب معيّن عائقًا أمام طلب حكمًا من مذهب آخر، خاصّة إذا عُرف أنّ هذا المذهب الآخر يتعامل مع المسألة المنظور فيها بشكل أسهل. فمن المعروف مثلًا أنّ المذهب المالكي تساهل مع القضايا الاقتصاديّة، ولذلك لجأت سلالة المماليك إلى قضاة من هذا التّيار للحصول على أحكام متساهلة فيما يخصّ اقتصادهم.
خلال الفترة العثمانيّة تراجعت مكانة القضاء الإسلامي كمصدر أساسي ووحيد للتّشريع كنتيجة لتعاظم النّفوذ الغربي في الدّولة العثمانيّة والتّعامل مع النّصوص العلمانيّة الفرنسيّة، ومع ذلك بقيت الشّريعة الإسلاميّة محورًا هامّا في حياة المؤمنين. في أيّامنا هذه، ما زال الفقه الإسلامي ينمو ويتطوّر؛ إذ يُطلب من علماء الشّريعة إيجاد حلول لمعضلات معاصرة تطرحها حياة المسلمين في هذا العصر؛ مثال على ذلك العلاقات العاطفيّة قبل الزّواج، والعيش في المجتمعات الغير مسلمة، تربية الحيوانات الأليفة والتّبرّع بالأعضاء وغيرها.
تحتوي مجموعات المكتبة الوطنيّة على عدد كبير من المواد الّتي تتناول الفقه؛ من المخطوطات إلى الإصدارات العلميّة والمقالات وعدد كبير من الدّراسات المعاصرة أيضًا. يمكنكم تصفّح العناوين المتعدّدة حول الفقه في مجموعات المكتبة هنا.