السيرة النبوية: مخطوطات رقمية في ذكر سيرة النبي محمد وصفاته
كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى، 1762، مجموعة يهودا، المكتبة الوطنية

السيرة النبوية

يشير مصطلح "السّيرة النّبويّة" إلى نوع من المؤلّفات الكلاسيكيّة الّتي تناولت قصّة حياة النّبي محمّد (571-632م) ونشأة الإسلام المبكّرة. نشأ هذا النّوع من المؤلّفات بشكلٍ رسميّ في بداية العصر العبّاسي في القرن الثّامن للميلاد على يد اثنين، اتّكأت على أعمالهما كتب السّيرة اللّاحقة، وهما ابن هاشم (ت 833م) الّذي أعاد كتابة الرّوايات الّتي جمعها معلّمه ابن إسحاق حول حياة النّبي، والواقدي (ت823م) الّذي ألّف "كتاب المغازي" حول سيرة الرّسول أيضًا. تتناول النّسخ المختلفة لسيرة النّبي، قصّة مولده، نسبه ونشأته قبل البعثة باختصار، ثمّ يكون التّركيز الأكبر عادة على المعارك الّتي خاضها المسلمون الأوائل في الجزيرة العربيّة ومن ثمّ وفاة النّبيّ.

يعود هذا الاهتمام بقصّة حياة النّبي وروي تفاصيلها، الّتي اشتملت على ما هو خارق للطّبيعة في بعض الأحيان، إلى المكانة الدّينيّة الرّفيعة الّتي يتّسم بها نبيّ الإسلام بالنّسبة للمسلمين، فبالرّغم من تأكيد القرآن على كون النّبي "بشر" إلّا أنّه يكرّمه من بين النّاس في عدّة مواضع، ممّا جعل الاهتمام بحياته والتأمّل بصفاته وأعماله قيمة إيمانيّة لدى المسلمين. بالإضافة إلى كون "الحديث"، المصدر الثّاني للتّشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، مرتبط بصورة وثيقة مع أحداث دارت في حياة الرّسول ووثّق ردوده حيالها. ازدهر هذا النّوع من المؤلّفات في القرون اللّاحقة لتأسيسه فشمل آلاف الأعمال الّتي تناولت حياة النّبي العربيّ وما زالت تكثر وتصدر إلى اليوم. وبالرّغم من عناية تلك الأعمال بقصّة الشّخص نفسه، فإنّها تنطوي على اختلافات عديدة بعضها جوهريّة، وذلك لتعدّد المصادر الّتي يمكن استخدامها في تتبّع حياة النّبي محمّد.

النّبيّ محمّد بالإضافة لمكانته الدّينيّة لدى المسلمين، هو شخصيّة تاريخيّة قامت بتأسيس إحدى أكبر الدّيانات المتّبعة في عالمنا، وقد لاقت قصّة حياة هذه الشّخصيّة البالغة الأهمّية في التّاريخ الإنسانيّ اهتمام مؤرّخين وباحثين من غير المسلمين لكونها المصدر التّاريخيّ الوحيد الّذي يحكي نشأة الإسلام المبكّرة، قام هؤلاء الباحثين بنقد مؤلّفات السّيرة الكلاسيكيّة وبحث قصّة حياة نبيّ الاسلام بالاعتماد على مصادر إضافيّة لتلك الإسلاميّة التّقليديّة الّتي اعتمدت بالأساس على الرّواية الشّفويّة المدوّنة. إذ يمكننا تقسيم التّوجهات النّقديّة في قراءة السّيرة النّبويّة إلى ثلاثة: التّوجه الّذي يأخذ بالقصّة التّقليديّة كما هي باستثناء المعجزات، التّوجه التّشكيكي الّذي يأخذ بالإطار الأساسي للأحداث كما ورد في الأعمال الكلاسيكيّة، إلّا أنه يشكّك في بعض جوانب تلك المرويّات ويشتهر بهذا التّوجه المستشرق إغناز جولتسهير. أما التّوجه الثّالث فنشأ في سبعينيّات القرن الماضي إلّا أنّه لم يلق قبولًا علميًا، وهو التّوجه النّقدي الرّاديكاليّ الّذي ينكر مصداقيّة الرّواية الإسلاميّة برمّتها ويعتمد على مصادر خارجيّة فقط، ومن أعلام هذا التّوجه الباحثان مايكل كوك وباتريشيا كرون.

في هذه البوابة، نضع بين أيديكم مجموعة من المخطوطات العربيّة لأعمال متعلّقة في السّيرة النّبويّة تمّت كتابتها بين القرن الثّالث عشر والتّاسع عشر، بالإضافة إلى بعض المطبوعات المبكّرة الّتي تناولت حياة النّبي محمّد وأعماله. للمزيد حول السيرة النبوية اضغطوا هنا أو على الشريط البحث أعلى الصفحة