الطباعة العربيّة: مطبوعات رقمية متاحة للقارئ والباحث
سرلوحة كتاب نفح الطّيب طبع في مطبعة بولاق 1862

الطباعة العربيّة

ظهرت الطباعة لأول مرّة حين اخترع يوحنا جوتنبرج الطباعة بالأحرف المعدنية المتحركة عام (ت 1468) وسبّب ظهورها ثورة نوعيّة في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر. طبعت المطابع الأوروبيّة المبكّرة بعض المؤلّفات العربيّة الكلاسيكيّة لاهتمام الدارسين الأوروبيين بها، إلا أن الطباعة العربيّة لم تبدأ إلّا في بداية القرن الثّامن عشر في سوريا وجبل لبنان. فكانت أوّل مطبعة في مدينة حلب عام 1706 وتلتها مطبعة في جبل لبنان عام 1734.

بعد ذلك، ادخلت ثلاثة مطابع فرنسيّة إلى مصر مع حملة نابليون كجزء من أهداف الحملة الثّقافيّة. واستخدمها نابليون لنشر دعايته وخطاباته للجمهور وهي المطبعة الشرقية الفرنسية ومطبعة أورويل والمطبعة الأهليّة. إلا أن الفرنسيين أخذوا معهم مطابعهم حين رحلوا عن مصر، إلا أنها سرعان ما ظهرت مجدّدًا حين أمر محمّد علي باشا (حاميَ مصر 1805-1848) بإنشاء مطبعة بولاق عام 1821. بدأت مطبعة بولاق كمشروع حكومي يهدف لرعاية مصالح الدولة الإداريّة والجيش كما طبعت جريدة "الوقائع المصريّة" صحيفة الدولة الرسميّة. ومع الوقت بدأت تتنظّم قوانين حول امكانيّة الطبّاعة الخاصّة وافتتح المجال لانشاء الشركات والمطابع الخاصّة وتفرّعت اهتمامات الطّباعة لتغطّي كافّة مجالات الحياة وكان القرن التاسع عشر هو قرن ازدهار الطباعة العربيّة. ومن المثير للاهتمام انّ هذه المطابع الأولى اهتمّت كذلك بنشر الأعمال العربيّة والإسلاميّة القديمة.

تثمّن المكتبة الوطنيّة ومكتبات كثيرة حول العالم الكتب العربيّة المطبوعة في هذه الفترة المبكّرة من حضورها في الشّرق الأوسط، وتعتبرها مادّة علميّة هامّة لمختلف أنواع الأبحاث. في الأشهر الأخيرة، عملنا على إتاحة مجموعة كبيرة ومتنوّعة من المطبوعات العربيّة الأولى تجدون منها هنا ما طُبع في كل من مطبعة بولاق والواثق في مصر آخر القرن التاسع عشر وفي بداية القرن العشرين في المطبعة الخيرية والمطبعة البهية والمطبعة الأزهريّة في مصر ومطابع عثمانيّة في إسطنبول وغيرها.