تاريخ الشرق الأوسط

تاريخ الشرق الأوسط

الشرق الأوسط في المكتبة الوطنية

تمتدّ منطقة الشّرق الأوسط بالأساس من غرب آسيا، بدءً من تركيا في الغرب وحتى إيران في الشّرق، وجنوبًا حتى شبه الجزيرة العربيّة ومصر. وفق تعريفات أوسع، يشتمل الشّرق الأوسط كذلك على شمال إفريقيا (المغرب) والسّودان، والمنطقة ما بين إيران والهند في الشّرق وأحيانًا حتّى وسط آسيا. راج استخدام المصطلح "الشّرق الأوسط" في بداية القرن العشرين واستبدل تدريجيّا المصطلح الّذي سبقه، "الشّرق الأدنى"، في المفاهيم الغربيّة. وبالرّغم من مركزيّته الأوروبيّة فقد تمّ قبوله واستخدامه تدريجيًّا من قبل سكّان المنطقة.

يعتبر الشّرق الأوسط مهد الحضارات، به تطوّرت حضارات كل من مصر وبلاد الرافدين، والّتي شكّلت بذرة لمعظم حضارات العالم القديم. كما تطوّرت في هذه المنطقة الأبجديّة الأقدم بين الأبجديّات المعروفة، ومنها خرجت الأديان التّوحيديّة التّي حكمت أجزاء واسعة من العالم لقرون. نبتت الأديان التّوحيديّة الثّلاثة – اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام- في الشّرق الأوسط، وفيه أكثر المواقع قداسةً لها. ورغم أن اليهود شكّلوا أقليّة بين سكّان الشّرق الأوسط إلا أن لليهوديّة أثر كبير على الدّيانتين اللّتان شكّلتا هذا الحيّز في الأفي عام الأخيرة.

للمنطقة أهميّة جيوسياسيّة كبيرة منذ آلاف السّنين، لا سيّما لمنطقة الهلال الخصيب، الّذي ازدهرت فيه ثقافات متعددّة وأنظمة سياسيّة قويّة. كرقعة تصل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، ازدهرت به طرق التّجارة على مدار التّاريخ فلم تكن المنطقة جسرًا للبضائع والتّجارة فقط بل أيضًا للفكر ولتبادل الثّقافات والمعرفة. هيمنت على المنطقة لآلاف السّنين مراكز تربويّة عدّة، فمن القرن الرّابع قبل الميلاد وحتى بداية القرن السّابع الميلادي كانت الثّقافة الإيرانيّة من الشّرق والهلنستيّة من الغرب هي الّتي سيطرت على معظمها. وتحت حكم الامبراطوريّة البيزنطيّة تحوّلت المسيحيّة إلى الدّيانة المركزيّة في غرب الشّرق الأوسط، بينما في إيران كانت الزردشتيّة ديانة الدّولة وديانة الكثير من ساكنيها.

أدّى ظهور الإسلام في القرن السّابع وثم الفتوحات النّاجحة لخلفاء النّبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم إلى انهيار الإمبراطوريّة السّاسانيّة الّتي حكمت إيران وإلى طرد الإمبراطوريّة البيزنطيّة إلى منطقة الأناضول. وبدءً من ذلك الوقت حكمت معظم مناطق الشّرق الأوسط تحت أنظمة إسلاميّة مختلفة وخلال مئات السّنين تجذّر الإسلام في المنطقة حتى بات معظم ساكنيها من معتنقي الإسلام. شكّل الشّرق الأوسط، وبلاد الرّافدين على وجه الخصوص، موقعًا مركزيّا للحضارة الإسلاميّة. وحكمته إمبارطوريات إسلاميّة عديدة اتّخذت من مناطق مختلفة مراكز لها.

شهد الشرق الأوسط في العصر الحديث تغيّرات بعيدة المدى منها التأثير المتزايد للغرب وإقامة دولة إسرائيل واكتشافات النّفط في منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية. أعادت هذه التطورات إحياء الأهمية الجيوسياسية القديمة للمنطقة من جديد، مما جعلها محطّ اهتمامٍ دوليّ في القرن الحادي والعشرين.

معظم سكّان الشّرق الأوسطة اليوم من المسلمين، بالإضافة إلى أقليّات مسيحيّة وأقليّة يهوديّة تعيش بالغالب في إسرائيل. أمّا المجموعات الإثنيّة واللغويّة الكبرى في المنطقة فهم العرب (المجموعة الأكبر وينتمي لها معظم السّكان ما بين العراق شرقًا واليمن جنوبًا والمغرب غربًا)، الفرس (يتواجدون في إيران والدّول المجاورة)، والشّعوب التّركية (في تركيا ووسط آسيا). ومن بين الأقلّيات الكثيرة في الشّرق الأوسط نذكر الأكراد والأرمن والسّامريّون وغيرهم الكثير.

الشّرق الأوسط، بكافّة ثقافاته، هو أحد أهم المجالات لدى المكتبة الوطنيّة. ومجموعات المكتبة تحتوي على تنويعة هائلة من المجموعات التّاريخيّة والدينيّة والثّقافيّة للمنطقة. من خرائط قديمة ومخطوطات نادرة بلغات متعدّدة وحتّى الصّحف الحديقة والأرشيفات والملصقات ومجموعات موسيقيّة. تضع المكتبة الوطنيّة الشّرق الأوسط على رأس اهتماماتها. وإلى جانب المواد النّادرة، المتاح معظمها على موقع المكتبة، تمتلك المكتبة آلاف الكتب المتعلّقة بالشّرق الأوسط ومعظم الأدبيّات البحثيّة المختصّة في المجال.