مكتبة جلال الدين الرومي بنسخ مختلفة وتفسيرات وترجمات متعددة
مخطوطة مزوّقة للمثنوي معنوي، 1750، مجموعة يهودا، المكتبة الوطنية

جلال الدّين الرّومي

جلال الدّين الرّومي (1207-1273) شاعر ومفكّر روحانيّ من أهمّ الشّعراء والمبدعين في التّراث الفارسي والإسلامي. وُلد في منطقة بلخ في أفغانستان اليوم لعائلة من الشيوخ، وقد تركت عائلته بلخ هربًا من غزو المغول عام 1218، وبعد تنقّلات عديدة، استقرّت العائلة في منطقة قونية في تركيا اليوم. وهناك عمل أباه كمعلّمٍ في مدرسة حتى توفّي عام 1231 فَوَرِث جلال الدّين مكانه في المدرسة.

بالإضافة إلى عمله في المدرسة، تجوّل الرّومي في بلاد الشّرق الأدنى من أجل التّعرف على التّراث الصّوفي بها، ويقال أنّه في إحدى هذه الرّحلات التقى بابن عربي الفيلسوف الصّوفي الشّهير.

تغيّرت حياة جلال الدّين الرّومي في سنّ الأربعين حين التقى بشمس الدّين التّبريزي، الصّوفي المتزهّد. جمعت بين الاثنان صداقة شديدة، وتعلّم جلال الدين من شمس الدّين عن أفكار صوفيّة عديدة. بحسب ما وصل عن عائلة الرومي وأصدقائه، فإنّ اقترابه من شمس التّبريزي جعله مهملًا لواجباته، ممّا أغضب تلاميذه وأهله، ومن أجل التفريق بينهما قاموا بإجبار شمس التّبريزي على الخروج من قونية. ترجّح الدّراسات الحديثة على أنّ عائلة الرومي وتلاميذه قاموا بقتل شمس التّبريزي غيرة على الرومي. عاش الرومي كآبة شديدة بعد اختفاء صديقه شمس التّبريزي، ولقد ظهرت مشاعره الجيّاشة في عددٍ كبير من قصائد الحبّ الّتي كتبها عن الحبّ والشّوق والفقد.

بعد وفاة شمس الدين بسنوات، بدأ جلال الدين بكتابة ثمرة أفكاره الرّوحانيّة ومبادئها بالشّعر. وكانت النّتيجة، الدّيوان الرّوحاني مثنوي معنوي، والّذي يُعرف لقرّاء الفارسيّة بالقرآن الفارسي. تحتوي أبيات هذا الدّيوان على أوصاف حيّة وغنيّة لقصص وأمثال عن أنبياء وعن ملوك وعن أناس عاديين وعن حيوانات.

توجّه تعاليم الرومي وتعاليم الصّوفية عمومًا متّبيعيها للتوحّد مع الله بالحب؛ فالحبّ بالنّسبة لكثير من المتصوّفة، القّوة المحرّكة لله وللخلق، ومن خلال هذا الحبّ، يمكن توحيد أضداد العالم. وفي كتاباته، تطرّق الرومي لأهمّية النّية الدّاخلية، واعتبرها أهم بكثير مما يبديه الإنسان خارجه.

توفّي الرومي عام 1273 في قونية، واشترك في جنازته عدد هائل من النّاس ومن طوائف وشعوب متنوّعة، ودُفن في ضريح العائلة، وتحوّل هذا الضّريح إلى مزار في جميع شهور السّنة، وخاصّة في الشّهر الّذي توفّي فيه الرومي.

بعد موته، تنظّم تلاميذه فيما بات يُعرف بالمولويّة؛ أي الطّريقة الصّوفية الّتي نسبت للقب الشّرف الّذي لقّب به جلال الدّين الرّومي "مولانا"، ويُعرفون برقصتهم الشّهيرة.

وصل أثر جلال الدّين الرّومي إلى خارج العالم الإسلاميّ المتحدّث بالفارسيّة، وتُرجمت قصائده إلى لغاتٍ كثيرة، ويحظى بشعبيّة كبيرة في الغرب. في مجموعات المكتبة الوطنيّة، يوجد مخطوطات مزوّقة لديوان المثنوي بالإضافة إلى كتاب ابنه، والّذي يشرح فيه عن حياة أبيه وتطوّع أفكاره الرّوحانيّة. بالإضافة إلى ذلك، توجد أيضًا أبحاثًا وترجمات عن فكر جلال الدّين الرّومي في لغاتٍ مختلفة.