بوابة شفاعمرو
تقع مدينة شفاعمرو العربية في الجليل شمال البلاد، وهي اليوم ضمن لواء الشمال وفقًا للتقسيم الإداري الإسرائيلي. تبعد حوالي 13 كيلومترًا عن البحر الأبيض المتوسط، وحوالي 20 كيلومترًا عن حيفا، عكا، والناصرة، ما جعلها نقطة التقاء بين السهول وجبال الجليل وموقعًا استراتيجيًا عبر التاريخ. يُعتقد أن تسميتها تحمل عدة تفسيرات تاريخية مختلفة. أحد التفسيرات يشير إلى أن اسمها يعود إلى الصحابي عمرو بن العاص، الذي، وفقًا للروايات، كان الصحابي مريضًا أثناء مروره بالمنطقة في زمن الفتوحات الإسلامية وشرب من نبعها المعروف بـ "عين عافية"، فتعافى، فهتف جنوده "شُفِيَ عمرو"، ومن هنا جاءت التسمية "شُفَا عمرو". تفسير آخر يربط الاسم باللغة العبرية، حيث ورد في التلمود باسم شفَرْعام ويعني "بوق الشعب". كما يُقال إن ظاهر العمر أطلق عليها اسم "شفاعمر"، دون الواو في آخره، بينما ظهرت التسمية بشفاعمرو لأول مرة في كتابات الرحالة عبد الغني النابلسي عام 1692. وهناك من يرى أن الاسم يرتبط بالكلمة السامية "شيفار"، والتي تعني الساحل، أو "الإسفيلة" التي تعني المصايف، نظرًا لقربها من البحر وارتفاعها الجبلي.
يعود تاريخ المدينة إلى فترات قديمة جدًا، حيث يُعتقد أن الكنعانيين كانوا من أوائل من استوطنوها. ورد ذكرها في التلمود بعد دمار الهيكل الثاني عام 70م، حيث كانت مقرًا لمجلس السنهدرين اليهودي لفترة من الزمن. شهدت شفاعمرو أحداثًا تاريخية مختلفة، منها مواجهات بين اليهود والرومان خلال الثورة اليهودية الأولى، حيث تم العثور على مغاور وقبور تعود إلى تلك الحقبة. في الفترة البيزنطية، أصبحت موطنًا للسكان المسيحيين، وهو ما تؤكده الكنائس القديمة الموجودة فيها. خلال الحروب الصليبية، كانت تُعرف باسم "سفران" واتخذها المسلمون قاعدة في حروبهم ضد الصليبيين، حيث استخدمها صلاح الدين الأيوبي نقطة انطلاق لحملته على عكا عام 1190. في القرن الثامن عشر، أقام ظاهر العمر فيها لست سنوات، وبنى فيها القلعة الشهيرة التي لا تزال من معالمها البارزة. بعد سقوطه، خضعت لحكم أحمد باشا الجزار حتى وفاته عام 1804.
خلال الحكم العثماني، كانت شفاعمرو مركزًا إداريًا لعدة قرى مجاورة، وفي بدايات القرن العشرين، كانت تضم سكانًا من المسلمين، المسيحيين، والدروز، بالإضافة إلى بعض العائلات اليهودية التي غادرت تدريجيًا حتى عام 1920. في فترة الانتداب البريطاني، كانت شفاعمرو بلدة هامة ضمن لواء حيفا، وبلغ عدد سكانها 2824 نسمة في عام 1931. بعد عام 1948، أصبحت المدينة واحدة من المراكز السكانية العربية الكبرى، وحصلت على تصنيف مدينة في فترة مبكرة مقارنة ببلدات عربية أخرى. في عام 2021، بلغ عدد سكانها 43,023 نسمة، 99.7% منهم من العرب، حيث يشكل المسلمون 61.6%، والمسيحيون 24.6%، والدروز 13.8%. لم تشهد المدينة هجرة خارجية في ذلك العام، بل سُجلت زيادة سكانية بمقدار 62 فردًا. تتميز شفاعمرو اليوم بتعددها الثقافي والتاريخي، وبكونها مركزًا للعديد من الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية في الجليل.