بوابة السينما المحلية
كانت دور السينما في المدن العربية ،في الفترة التي سبقت عام 1948، تمثل جزءًا حيويًا من المشهد الثقافي والاجتماعي. لم تكن السينما مجرد وسيلة ترفيه، بل كانت فضاءً عامًا يجمع بين فئات مختلفة من السكان، ومكانًا تلتقي فيه الحداثة بالحياة اليومية. شهدت مدن مثل يافا وحيفا والقدس وغزة نشاطًا سينمائيًا متنوعًا، حيث أُنشئت فيها صالات عرض عصرية نسبياً، وعُرضت فيها أفلام عربية وعالمية، وشكلت عنصر جذب للشباب والعائلات والمثقفين على حد سواء.
في يافا، التي كانت تُعرف بعراقتها وتنوعها الثقافي، ازدهرت دور السينما بشكل خاص، اذ كانت من أولى المدن التي شهدت تأسيس صالات حديثة بمواصفات أوروبية. برزت سينما الحمراء كواحدة من أبرز هذه الصالات، بتصميم فاخر و جمهور كبير كان يحضر لمشاهدة الأفلام المصرية، التي كانت تحظى بشعبية كبيرة، إلى جانب عروض لأفلام أمريكية وأوروبية. وإلى جانب الحمراء، كانت هناك سينما ديانا وسينما الفردوس، اللتي ساهمت في إرساء ثقافة سينمائية نشطة في المدينة.
أما في القدس، فقد عرفت أحياء المدينة وجود عدة دور سينما تخدم السكان من مختلف الخلفيات، حيث كانت هناك صالات مثل سينما القدس وسينما ركس، وكانت تُعرض فيها أفلام متنوعة بين التسلية والفن الجاد، كما كانت تُنظم أحيانًا عروضًا خاصة للأفلام الوثائقية أو الندوات الثقافية. أما حيفا، فقد كان لموقعها الجغرافي وكونها ميناءً مهمًا أثر كبير في ازدهار صالاتها، ومن أشهرها سينما الكرمل وسينما الإمبراطور، التي كانت تواكب أحدث الإصدارات السينمائية العالمية، وكانت ترتادها شرائح مختلفة من المجتمع.
و رغم أن غزة لم تمتلك نفس الكثافة السينمائية، إلا أنها احتضنت صالات مثل سينما النصر، التي افتتحت في الأربعينيات، وقدمت عروضًا لأفلام عربية وغربية، وكانت تجذب جمهورًا متعطشًا للتسلية والثقافة. كما شهدت المدن الأخرى مثل نابلس وطولكرم والناصرة،أيضًا وجود صالات عرض صغيرة الحجم لكنها فعّالة في السياق المحلي.
لعبت السينما في تلك السنوات دورًا مزدوجًا، فهي من جهة وسيلة للترفيه، ومن جهة أخرى منبر ثقافي وسياسي أحيانًا، إذ كانت تُستخدم من قبل بعض الحركات أو المؤسسات في المناسبات الخاصة لعرض أفلام أو تنظيم فعاليات.
وبعد عام 1948، توقفت معظم هذه الدور عن العمل، بعضها صودر، وبعضها دُمر، والبعض الآخر أُعيد استخدامه لأغراض مختلفة. لم ينجُ سوى القليل من هذا الإرث السينمائي، لكن الذاكرة الجماعية لا تزال تحتفظ بصورة السينما كجزء من حياة مدينية كانت نابضة بالتعدد والانفتاح.
نقدم في هذه البوابة بعض الملصقات من السينما المحلية من أرشيف ملصقات المكتبة الوطنية ،كما نضع بين أيديكم مجموعة عناوين من أرشيف جرايد تناولت اخبار دور العرض هذه.