بوابة مسعدة
تُعد مسعدة، القلعة القديمة التي تتربع على قمة هضبة وعرة في صحراء يهودا بالقرب من الشاطئ الغربي للبحر الميت، واحدة من أبرز المعالم التاريخية والأثرية في البلاد. تتميز هذه القلعة بتاريخها العريق الذي يروي قصصاً من الصمود والمقاومة، ما يجعلها وجهة جذب عالمي للزوار.
تم بناء القلعة في القرن الأول قبل الميلاد بأمر من الملك هيرودس الكبير لتكون مكاناً آمناً يلجأ إليه في مواجهة أي تهديدات محتملة. اشتمل المشروع على تحصينات قوية ومرافق تخزين وصهاريج لتجميع المياه، بالإضافة إلى القصور الفاخرة. ومن أبرز معالم القلعة "القصر الشمالي"، الذي صُمم على ثلاث مستويات محفورة في الصخر.
تُعرف مسعدة بدورها المحوري خلال الحرب اليهودية-الرومانية الأولى (66-73 م). بعد تدمير الهيكل الثاني في القدس عام 70 م، لجأت مجموعة من الثوار اليهود إلى مسعدة، وحولوها إلى معقل مقاومة. ووفقاً للمؤرخ يوسيفوس فلافيوس، لجأ حوالي 960 رجلاً وامرأة وطفلاً إلى القلعة، وواجهوا حصاراً طويلاً من القوات الرومانية التي قررت القضاء على التمرد. استخدم الرومان منحدراً ضخماً للوصول إلى القلعة، لكنهم وجدوا عند اقتحامها أن المدافعين اختاروا الموت الجماعي بدلاً من الاستسلام.
على الرغم من الجدل الذي يحيط بصحة الرواية التاريخية، أصبحت مسعدة رمزاً للصمود والتضحية، ولها مكانة خاصة في التراث اليهودي والإسرائيلي الحديث.
تم إعادة اكتشاف مسعدة في القرن التاسع عشر على يد مستكشفين أوروبيين، وشهدت في ستينيات القرن الماضي حفريات أثرية واسعة بقيادة عالم الآثار الإسرائيلي ييجئيل يادين. كشفت الحفريات عن بقايا محفوظة جيداً، بما في ذلك قصور هيرودس، ومعسكرات الرومان، وكنيس، ونظام مائي متطور. كما تم العثور على قطع أثرية مثل الفخار والعملات والمخطوطات التي ألقت الضوء على حياة سكان القلعة.
اليوم، تُعد مسعدة موقعاً للتراث العالمي لليونسكو ووجهة سياحية شهيرة. يمكن للزوار الوصول إلى الموقع عبر مسار الثعبان، وهو مسار مشي شاق يتعرج على الجانب الشرقي من الهضبة، أو باستخدام التلفريك الذي يوفر إطلالات على الصحراء والبحر الميت.