دار الطفل العربي
دار الطفل العربي

دار الطفل العربي

دار الطفل العربي هي مؤسسة تعليمية وثقافية تأسست في مدينة القدس عام 1948، وتُعد من أبرز المعالم التربوية التي خدمت المجتمع المحلي في المدينة. أُنشئت الدار في حي الشيخ جراح، وبدأت كمأوى ومدرسة داخلية للأطفال، ثم تطورت تدريجيًا لتشمل مدارس بأطوار متعددة، ومكتبة، وقسمًا ثقافيًا وفنيًا.

 

تأسست دار الطفل العربي على يد هند الحسيني، وهي شخصية تربوية معروفة كرّست حياتها لخدمة التعليم والعمل المجتمعي. بدأت الفكرة حين جمعت الحسيني عددًا من الأطفال في إحدى قاعات منزلها، ثم نظّمت لهم مكانًا للإقامة والدراسة، في محاولة لتوفير بيئة آمنة وتعليمية في فترة كانت مليئة بالتحديات الاجتماعية.

 

خلال السنوات الأولى، كانت الدار تعتمد على التبرعات والمبادرات المجتمعية، واستطاعت أن تؤسس نظامًا داخليًا متكاملًا يشمل التعليم، الرعاية الصحية، النشاطات الثقافية، وتوفير الاحتياجات الأساسية للأطفال المقيمين. ومع مرور الوقت، توسعت الدار لتضم مبانٍ تعليمية وسكنية جديدة، واستقطبت طاقمًا تربويًا متخصصًا.

 

بحلول خمسينيات القرن العشرين، تحوّلت دار الطفل العربي إلى مؤسسة تعليمية كاملة، تضم مدرسة ابتدائية ثم ثانوية، إلى جانب البرامج اللامنهجية. اعتمدت المؤسسة نظامًا تربويًا حديثًا يركّز على تنمية المهارات الفردية والاعتماد على الذات، إلى جانب المناهج التعليمية الرسمية. أُنشئت لاحقًا مكتبة الدار، والتي أصبحت واحدة من المراكز المعرفية المهمة في المدينة، حيث ضمّت مجموعات متنوعة من الكتب العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى أرشيف صور ووثائق تربوية وتاريخية. كما بدأت الدار بتنظيم فعاليات أدبية وفنية، مثل معارض الرسم والمسرحيات الطلابية، وفتحت أبوابها أمام المجتمع المحلي لحضور هذه الأنشطة.

 

إلى جانب دورها التعليمي، أدّت دار الطفل العربي وظيفة ثقافية واضحة، حيث كانت مركزًا لاحتضان الجيل الشاب وتعزيز الانتماء للهوية الثقافية واللغوية من خلال المسرح، الفن، والموسيقى. كما سعت إلى تمكين الطالبات في مجال التعليم الأكاديمي والفني، فكانت واحدة من المؤسسات القليلة التي قدّمت تعليمًا نوعيًا للفتيات في تلك المرحلة. واستمرت الدار في تحديث برامجها التربوية وتطوير بنيتها التحتية طوال العقود التالية، مع الحفاظ على الطابع المجتمعي والشمولي في تقديم خدماتها. وقد خرّجت عبر السنوات المئات من الطالبات، اللواتي التحقن بالجامعات لاحقًا وأسهمن في مجالات متعددة.

 

حتى اليوم، ما زالت دار الطفل العربي تحتفظ بدورها كمؤسسة تعليمية فاعلة في القدس، حيث تضم مدرسة للبنات ومرافق ثقافية، وتستقبل سنويًا مئات الطالبات من المدينة ومحيطها. وتواصل الدار تنظيم الأنشطة الثقافية المفتوحة، والمشاركة في المبادرات التعليمية على مستوى محلي وإقليمي. بفضل تاريخها الطويل ورسالتها التربوية، تُعد دار الطفل العربي واحدة من النماذج الرائدة في العمل المؤسسي التربوي في القدس، ويُنظر إليها كمرجع تعليمي وثقافي في المنطقة.

 

نقدم لكم في هذه البوابة مجموعة من الكتب عن المؤسسة كما نضع بين أيديكم بعض الكتب من مكتبتها.