كفر برعم
كفر برعم

كفر برعم

 

تقع كفر برعم، أو كما تُعرف تاريخيًا بـ"كفار بارعم"، في منطقة الجليل الأعلى شمال البلاد، على بُعد نحو 11.5 كيلومتر شمال غرب صفد، بالقرب من الحدود اللبنانية. تمتاز القرية بموقعها الجغرافي الفريد على ارتفاع 750 مترًا عن سطح البحر، مما منحها مشهدًا طبيعيًا خلابًا وإطلالة استراتيجية.

تعود جذور القرية إلى العصور القديمة عندما كانت مستوطنة زراعية يهودية تعرف باسم "كفار بارعم". تضم القرية آثارًا تعود إلى الفترة الرومانية، أبرزها كنيس بارعم الذي يعود إلى القرن الثالث الميلادي، ويُعدّ من أهم المعالم التاريخية في المنطقة. يحتوي هذا الكنيس على نقوش وعناصر معمارية تُظهر براعة البناء في تلك الفترة. كما تم العثور في محيطه على تميمة برونزية مكتوبة بالأحرف العبرية، يُعتقد أنها كانت وسيلة للحماية من الشر آنذاك.

في العصور الوسطى، أصبحت القرية عربية الهوية وتغيرت طبيعتها الثقافية تدريجيًا. مع دخول الفترة العثمانية في القرن السادس عشر، أُدرجت كفر برعم ضمن سجلات الضرائب في ناحية جيرة التابعة للواء صفد. تشير السجلات إلى أن القرية كانت تضم 114 أسرة مسلمة، دفعت الضرائب على المحاصيل الزراعية مثل القمح والشعير، بالإضافة إلى تربية الماعز وخلايا النحل. خلال القرن التاسع عشر، ومع تَوَسّع النَّشاط الزّراعي، أَصبحت كفر برعم معروفة بأشجار الزيتون وبساتين الفواكه، مما ساهم في تحسين اقتصادها المحلي.

في أعقاب زلزال عام 1837، تعرضت القرية لدمار كبير أدى إلى انهيار الكنيسة وعدد من الأعمدة القديمة التابعة للكنيس اليهودي. أُعيد بناء الكنيسة في موقعها الحالي وأصبحت مركزًا رئيسيًا للحياة الروحية للقرية التي كانت غالبيتها من الموارنة. في عام 1881، وَصَف مسح أجرته بعثة استكشاف للبلاد القرية بأنها مبنية من الحجارة، ومحاطة ببساتين الزيتون والكروم، ويبلغ عدد سكانها ما بين 300 إلى 500 نسمة.

خلال فترة الانتداب البريطاني، شهدت كفر برعم زيادة سكانية ونشاطًا اقتصاديًا ملحوظًا. في إحصاء عام 1922، بلغ عدد سكان القرية 469 نسمة، جميعهم من المسيحيين الموارنة. وفي إحصاء عام 1945، ارتفع العدد إلى 710 نسمة، وامتدت أراضي القرية على مساحة 12,250 دونمًا، استُخدمت معظمها للزراعة، مع تركيز خاص على زراعة أشجار الزيتون والمحاصيل الموسمية.