تاريخ الطب عند المسلمين: أبرز الكتابات والترجمات إلى اللغة العربية
تشريح لشكل العين، تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر، مخطوطة ابن الهيثم

الطب عند المسلمين

تأثّر علماء الطّب المسلمين بالإرث الكلاسيكيّ والهلنستيّ بلا شكّ، إذ أتاح مشروع التّرجمة الضّخم في القرنين التّاسع والعاشر أدبيّات اليونان القديمة للنّاطقين للعربيّة، وأدّى إلى تطوير اختصاصات ومجالات عديدة كالفلسفة والتّاريخ والصّيدلة والتّشريح. تُرجمت ونسخت كتابات منسوبة إلى شخصيّات أسطوريّة كاسكليبيوس وهيرميس الهرامسة، بالإضافة إلى كتابات أطبّاء تاريخيّين كأبقراط (370-460 قبل الميلاد) وديسقوريديس (40-90 للميلاد).

لكنّ الرأي اليونانيّ الّذي لم يُختلف عليه في الأدبيّات الطّبيّة الإسلاميّة كان للطبيب جالينوس (129-200 للميلاد). فقد أخذ العلماء المسلمون بأفكاره وقاموا بتطويرها ومعالجتها وانتجوا منها منهجًا متماسكًا بالرغم من وجود بعض التّناقضات في مؤلّفات جالينوس الأصليّة. فمثلًا، شكّلت نظريّة جالينوس حول السوائل الأربعة، الدم، البلغم، الصفراء والسّوداء، أساسًا نظريًا لمؤلّفات لاحقة في الطّب. كان التّطوير الأكبر والأكثر شهرة لنظريّة جالينوس من الفيلسوف والطّبيب الشّهير ابن سينا (980-1034 للميلاد) في كتابه "القانون في الطّب".

حظي كتاب "القانون في الطّب" بشهرة واسعة، تُرجم إلى لغات عديدة وتمّت دراسته في بلدان عديدة، ولقد كان الكتاب الرّئيسيّ لتدريس الطّب في أوروبا والشّرق الأوسط حتّى بداية العصر الحديث.

كما أنّ الثّقافة الإسلاميّة تأثرت بثقافة كلّ من الهند والصّين فيما يخصّ المعرفة الطّبيّة الّتي تطوّرت في كلّ منها، ولقد ترجمت بالفعل مؤلّفات طبيّة هنديّة من السنسيكريتيّة إلى العربيّة في القرنين الثّامن والتّاسع. إلّا أنّها لم تتخذ مكانة واسعة بسبب السّياسة القائمة حينها، إذ فقد مروّجو الطّب الهندي مكانتهم في الخلافة العبّاسيّة حينها، وهو الوقت الّذي ازدهرت به التّرجمة ووصلت أوجها. وحين بدأ التّعرف على الطّب الصّينيّ في القرن الثّالث عشر، كانت قد وضعت الأساسات النّظريّة للطّب الإسلامي بالفعل، وكان قد تأخّر الوقت لإعادة النّظر بها وتطويرها على ضوء الطّب الصّيني. ومع ذلك، نجد أن نباتات مثل الرّوند من الصّين وقصب السّكر من الهند وجوزة الطّيب من أندونيسيا حظيت بمكانة في عالم الطّب الإسلاميّ كلّما انتشر الإسلام شرقًا، إذ تمّ دمج  استخدام هذه النّباتات في منهج جالينوس مع الأدوية المعهودة أو المطوّرة. للمزيد حول "الطب في الإسلام" اضغطوا هنا.