اليشوف القديم والحفاظ على الوجود اليهودي في البلاد
عائلة روزنتل من القدس باللباس التّقليدي، 1900-1890، أرشيف بن تسفي.

اليشوف القديم

"اليشوف القديم" مصطلح يشير إلى السكان اليهود القدامى في البلاد، بخلاف أبناء وبنات الهجرة الأولى وأولئك الذين هاجروا بعد ذلك منذ عام 1881 وما بعده، بل المجتمعات اليهوديّة الّتي كانت في مدن مثل القدس وصفد وطبريّا تاريخيًا.

خلال القرن الثامن عشر، ومنذ اللحظة التي تم فيها تسوية وضع اليشوف القديم مع السلطات العثمانية، بدأ عدد السّكان اليهود بالارتفاع، ويرجع ذلك أساسًا إلى وصول الجماعات اليهودية الأرثوذكسية، بما في ذلك الحسيديم وغيرهم. بفضل اليشوف القديم تم الحفاظ على استمرارية الوجود اليهودي في البلاد، وشكّلت مرساة داعمة لتجديد الاستيطان العبري لاحقًا.

مميّزات مجتمع اليشوف القديم:

تمركز الوجود اليهودي في البلاد – اليشوف القديم - في أربع مدن مقدّسة لليهود: القدس، الخليل، صفد وطبريّا، وعلى مدار القرن التّاسع عشر معظمهم كان في مدينة القدس الّتي أصبحت المركز اليهودي الأكبر في البلاد.

اعتاش أهالي اليشوف بالأساس على أموال "الحلوكاه" (القِسمة)؛ هذه الأموال تمّ التّبرّع بها على يد أشخاص أو منظّمات خيريّة من حول العالم، وتوزّعت على السّكان اليهود من خلال كولليم (وجهاء) بحسب أرض الأصل الّتي أتت منها كلّ مجموعة أو التّيار الدّيني الّذي انتمت إليه، واعتمد اليشوف على هذه الأموال بشكل شبه كامل؛ إذ رأى يهود الشّتات حول العالم أنّ اليهود القائمين في البلاد رمز لعلاقتهم التّاريخيّة في هذه الأرض، ولذلك دعموهم من خلال أموال "الحلوكاه".

سفاراديم وأشكناز، حسيديم وفريسيّون، عاشوا في مجتمعات صغيرة ومغلقة داخل أسوار المدن القديمة وكرّسوا حياتهم لقراءة التّوراة وانتظروا مجيء المسيح كما تحكي النّبوءة الّتي آمنوا بها. فئة قليلة جدًا، بالأساس من السفارديم، اجتهدوا للعمل بالحرَف والتّجارة لإعالة أنفسهم، فيما امتنعت أغلبيّة الجالية من أي نشاطات ابتكاريّة أو صناعيّة ومن الطموح المعيشي، أمّا محاولات إدخال عوامل وتوجّهات من الحداثة فقد لاقت معارضة شديدة.

أدّى ازدياد الكثافة السّكانيّة في اليشوف اليهودي في القرن التّاسع عشر – نظرًا إلى تعلّق اليشوف بأموال الحلوكاه - إلى ظروف معيشيّة صعبة، ففي العام 1800 كان عدد السكّان اليهود 7000 تقريبًا وفي العام 1880 وصل إلى 27000 ممّا أدّى إلى اكتظاظ سكّاني صحبته مشاكل صحيّة ونظافة متدنّية ونظام غذائي سيّء أدّى إلى انتشار الأمراض وازدياد الوفيّات.

مع ذلك، حمل النصف الثّاني للقرن التّاسع عشر تغيّرات عديدة على مجتمع اليشوف، منها الخروج المتزايد إلى ميدان العمل وازدهار ثقافي وتربوي، ورويدًا رويدًا بدأت تُبنى الحارات الأولى خارج الأسوار.

أدّى زوال الإمبراطوريّة العثمانيّة ومجيء الهجرات الصّهيونيّة إلى فقدان انسجام اليشوف القديم بين السّكان اليهود في البلاد وإلى تضاؤل قوّته.

اليشوف القديم في المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة:

توجد في المكتبة الوطنيّة مواد كثيرة متعلّقة باليشوف القديم من الكتب، المقالات والأبحاث، ويمكن كذلك إيجاد المطبوعات العبريّة الأولى في البلاد، الرّسائل الّتي أرسلت إلى الخارج عن طريق مندوبين لجمع الأمول، ووثائق ورسائل تتعلّق في محاولات إدخال الحداثة خرجت من أبناء اليشوف أنفسهم.

في مجموعات المكتبة، يوجد أيضًا توثيق واسع لنشاط شخصيّات بارزة في تاريخ اليشوف القديم منهم روّاد الخروج من الأسوار موشيه منتفيوري ويوئيل موشيه سولومون وغيرهم.