زيارة وجاهات الطائفة الدّرزيّة للمكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة للمرّة الأولى

تكوّنت الطّائفة الدّرزيّة في القرن الحادي عشر في مصر، وما زال أبناء هذه الطّائفة يؤثّرون على تاريخ المنطقة بشكلٍ كبير حتّى يومنا هذا. تتواجد المجتمعات الدّرزيّة اليوم في سوريا ولبنان والأردن، ونحو 150000 درزيّ يعيش في البلاد.

تعتبر الدّيانة درزيّة ديانة روحانيّة، وتعتبر إبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد وشعيب أنبياء. تعتبر المبادئ والنّصوص الأساسيّة للعقيدة الدّرزيّة سرّية، ويمكن فقط لحكماء الطّائفة وهم "العقّال" الوصول إليها ومعرفتها. بالإضافة إلى ذلك، فرغم امكانيّة التّديّن والتّعلم من أجل الوصول إلى مرتبة "العقّال" في الطّائفة، فلا يمكن للمرء أن يختار العقيدة الدّرزيّة وينتمي إليها إلّا إذا وُلد درزيّا.

تتواجد في المكتبة الوطنيّة بعض الكتب والمخطوطات الهامّة حول تكوّن الطّائفة والثّقافة الدّرزيّة. فمثلًا يتواجد في المكتبة ديوان شعري للشّاعر العربيّ الشّيعي الهامّ شريف الرّازي من القرن العاشر، وقد تمّ نسخ الدّيوان للأمير فخر الدّين الثّاني الّذي حكم لبنان وشمال البلاد في نهاية القرن السّادس عشر وبداية القرن السّابع عشر.

الآن، وللمرّة الأولى، قام قرابة ثلاثون شخص من وجاهات الطّائفة الدّرزيّة وعلى رأسهم الشّيخ موفّق طريف، الزّعيم الرّوحي للطائفة، بزيارة المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة من أجل التّعرف والتّعلم والاطّلاع على مجموعات المكتبة، ولا سيّما تلك الخاصّة بالطّائفة الدّرزيّة.

سمعت البعثة خلال زيارتها عن التغيير الّتي تقوم المكتبة بصنعه في السّنوات الأخيرة، وعُرضت أمامها برامج تربويّة متنوّعة أطلقتها المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة لخدمة جمهورها من متحدّثي العربيّة. والأهم، اطّلعت البعثة على مخطوطات نادرة تخصّ الطّائفة الدّرزيّة لم يتمّ عرضها للجمهور من قبل.

سلاي مريدور رئيس مجلس إدارة المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، قال لرئيس الطّائفة أن المكتبة تسعى من خلال مجموعاتها وأرشيفاتها للتّعبير عن كافّة مركّبات المجتمع الإسرائيلي. "على كلّ مؤسسّة أن تسعى لتطبيق المساواة في مجالها، ونحن في المكتبة سنبذل كلّ ما بوسعنا كي يشعر المواطنون الدّروز أن المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة تعكس تاريخهم وإرثهم"، قال مريدور.

مدير المكتبة، شاي نيتسان، أضاف أن هذه الزّيارة الهامّة والأولى من نوعها لزعماء الطّائفة الدّرزيّة للمكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة يعكس رغبة المكتبة بأن تكون مؤسّسة ومركزًا ثقافيًا وتربويًا يخدم ويحتوي جميع المجموعات في المجتمع الإسرائيلي.

"للمجتمع الدّرزي الّذي ربط مصيره بمصير الدّولة، هناك دور هام ليس فقط فيما يتعلّق بأمن الدّولة، بل أيضًا بالإضافة الثّقافيّة الّتي تمثّلها الطّائفة، للجمهور المتحدّث بالعربيّة وأيضًا للجمهور الإسرائيلي بأكمله. طموحنا هو أن نقرّب الطّائفة الدّرزيّة، والجيل الشّاب على وجه التّحديد –كما نسعى لجميع مركّبات المجتمع الإسرائيلي- إلى عوالم المضامين في المكتبة، إلى المجموعات والكنوز المحفوطة في المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، وإنّ زيارة زعماء الطّائفة الدّرزيّة للمكتبة يقرّب هذه الغاية بشكل كبير"، قال شاي نيتسان لرئيس الطّائفة.

شكر الشّيخ طريف المضيفين وقال أنّ اليوم في عصر الرّقمنة وكثرة المصادر والمعرفة، من المهم مشاركة وتوسعة التّاريخ والثّقافة الدّرزيّة أيضًا بوسائل رقميّة.

"نطلب في هذا اللقاء أن نوسّع الشّراكة بين الدّروز والشّعب اليهوديّ من خلال التّعاون أيضًا في مجالات التّربية والثّقافة والأدب"، قال الشّيخ موفّق طريف، رئيس الطّائفة الدّرزيّة.

أعلن الشّيخ عن نيّة إقامة مكتبة وطنيّة درزيّة في مجمّع قبر النّبي شعيب عليه السّلام، ممّا سيخدم ويشجّع الأبحاث المختصّة في الثّقافة الدّرزيّة الّتي من شأنها أن تخدم أبناء الطّائفة الدّرزيّة في جميع أنحاء العالم وكذلك المهتمّين ببحث الطّائفة وثقافتها.